مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [في اللطف]

صفحة 984 - الجزء 2

المسألة الخامسة [في اللطف]

  قال الرازي: في الآية دلالة على أنه لا يجب على الله رعاية الصلاح، والأصلح في الدين لأنه لو كان الإرشاد واجبًا عليه تعالى لم يكن إنعاما لأن أداء الواجب لا يكون إنعاما. والجواب: أن الوجوب لا ينافي الإنعام إذ لا يمنع كون الفعل منفعة ولا قصد الإحسان به إلى الغير، وذلك هو معنى النعمة، وأما الصلاح والأصلح فالمراد بهما الألطاف، والمجبرة لا يناظرون في اللطف لا في إثباته ولا في وجوبه لأنه إذا كان المرجع به إلى ما يختار المكلف عنده الفعل والترك وهم لا يجعلون للعبد فعلاً ولا تركا فلا معنى للطف في حقه، وأيضا فإن وجه وجوب اللطف كونه زيادة في التمكين وإزاحة العلة، والقوم يجوزون تكليف ما لا يطاق، وحينئذ فلا معنى للخوض معهم في الألطاف، وإنما الكلام فيها بين العدلية: هل تجب أم لا؟ والبحث في المسألة يكون في مواضع:

الموضع الأول: في حقيقة اللطف

  وهو في اللغة مشتق من اللطافة وهي هيئة للمتحيز مخصوصة مقابلة للكثافة، ولما كان اللطيف من الأجسام يمكن دخوله المداخل الضيقة دون الكثيف شبهوا به ما يُقرّب الإنسان من إدراك غرضه⁣(⁣١) ولذا ورد عن العرب: ألطف بالصبي وتلطف به، ومعنى التشبيه أن الإنسان


(١) أي غرض كان دينياً أو دنيوياً. تمت مؤلف.