المسألة الثامنة [دلالة الآية على قدرة الله]
  وأجيب بأنه لا وجه للفرق. واحتجوا على أن حالة الحدوث حالة استغناء بأن قالوا: لو لم يستغن عن القدرة حالة الحدوث لما استغنى حالة البقاء، والمعلوم خلافه، فإذا ثبت استغناؤه حالة البقاء وجب مثل ذلك حالة الحدوث؛ لأن كل حكم يثبت للذات في حالة الحدوث لعلة من العلل ثبت مثله في حالة البقاء لتلك العلة؛ ألا ترى أن التحيز لما كان واجباً للجوهر في حال الحدوث وجب في حالة البقاء، فصح أنه لو لم يستغن حالة الحدوث لما استغنى حالة البقاء، ولما كان المعلوم استغناؤه عن القدرة حالة البقاء وجب مثله في حالة الحدوث، لما ذكرنا من استوائهما في ثبوت الأحكام، والخصم قد وافقنا في حالة البقاء فيجب أن يوافق في حالة الحدوث، وتكون الآية مخصوصة في هذه الحالة، كما هي مخصوصة في حالة البقاء. وأما ما ذكره من أن قدرة الباري تعالى تتعلق بالموجود حال بقائه لإعدامه فهو مذهب قاضي القضاة. ومن اتبعه من أصحابنا، فإنهم يقولون: إن الباري تعالى قادر على إفنائه وإعادته، فيوصف بأنه قادر عليه. وقال أبو عبد الله: لا يوصف بذلك؛ إذ القادرية لا تتعلق به. قال الحاكم: والخلاف لفظي.
المسألة الثامنة [دلالة الآية على قدرة الله]
  دلت الآية الكريمة على أن الله تعالى قادر، وأن هذا الصفة ثابتة له، ولا يقال: هذه من الاستدلال بالسمع، والاستدلال بالسمع على إثبات الصانع وصفاته الذاتية لا يصح كما مر في المقدمة؛