الموضع الثالث: في ذكر شبه المخالفين والرد عليها
  وأما الثاني: وهو ما لا يبقى فلأنه لو صح أن يعاد للزم أن لا يختص بوقت واحد، بل يكون قد صار له في الوجود وقتان، وهما وقت ابتدائه ووقت إعادته، وإذا جاز وجوده في وقتين مفترقين جاز في متواليين؛ إذ لا فرق بين وجوده في الجواز على جهة التوالي، أو على وجه يتخلل بين الوقتين ثالث، لأن الصفة لا تحيل نفسها وإن أحالت غيرها والوجود في الحالين صفة واحدة، ولو وجد في وقتين أو صح فيه ذلك للزم أن يصير باقياً بعد أن لم يكن باقياً، وعدم اختصاصه بوقت واحد بل يتعداه إلى وقت ثاني، وفي ذلك خروجه عما هو عليه في ذاته قلب حقيقته؛ إذ المعلوم أن اختصاصه بالوقت الواحد صفة ذاتية له لا يخرج عنها، وإذا كان لا يخرج عنها صح أن جواز وجوده في وقتين يقتضي انقلاب الذات، وانقلاب الذات محال، فما أدى إليه وهو صحة إعادة ما لا يبقى فهو محال.
الشبهة الرابعة [العلاقة بين القدرة والعلم]
  قالوا: لو كان العبد موجداً لأفعاله لعلم تفاصيلها؛ لأن الفعل مشروط بسبق العلم وهو لا يعلمها، ألا ترى أنه يتحرك حركة وهو لا يعلم كمية أجزائها ولا كيفيتها، ومحرك الأصبع يُحرّك جميع أجزائها ولا يعلم بكمية الأجزاء.
  والجواب: أن هذا مقابل للضرورة، فإن كل فاعل يعلم تمكنه من فعله من دون العلم التفصيلي، بيانه أن من قصد إلى أن يصلي ركعتين مثلاً فإنه يقصد إلى أن يوجد من الحركات والسكنات القدر الذي