المسألة الثانية [معنى الغضب المسند إلى الله تعالى]
المسلك الثالث
  حكاه ابن جرير عن بعضهم أنه جار مجرى الذم والشتم فيقال: غضب الله على فلان بمعنى ذمه وشتمه بسوء فعله.
  قلت: وعلى هذا يكون مجازا علاقته السببية أو اللزوم؛ إذ الغضب في حقنا يستلزم ذلك أو يكون سببا فيه.
المسلك الرابع
  ذكره أبو السعود وهو: أنه يجوز حمله على التمثيل بأن يشبه الهيئة المنتزعة من سخطه تعالى للعصاة، وإرادة الانتقام منهم المعاصيهم بما ينتزع من حال الملك إذا غضب على الذين عصوه وأراد أن ينتقم منهم ويعاقبهم.
  وقال السيد محمد بن عز الدين المفتي |: الواجب في الغضب ونحوه من صفات الأفعال اعتقاد معناها على المعنى الذي يليق بالباري تعالى، واحتج بقول علي #: يريد ولا يضمر، ويحب ويرضى من غير رقة، ويغضب ويبغض من غير مشقة قال وإنما اخترنا ذلك للاختلاف في معناها.
  قلت: أما ابن أبي الحديد فقد حمل كلام أمير المؤمنين # على محمل يوافق بينه وبين كلام الجمهور، فقال في تعليل كونه يحب ويرضى من غير رقة ... إلخ، وذلك أن محبته للعبد إرادته أن يثيبه، ورضاه عنه أن يحمد فعله، وهذا يصح ويطلق على الباري لا كإطلاقه علينا؛ لأن هذه الأوصاف يقتضي إطلاقها علينا رقة القلب