الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة
  ولا شك أن غير المستطيع لا يكلف لأن الاستطاعة شرط في التكليف، فالعدول هاهنا إلى البدل عند تعذر المبدل غير قادح في فرضيته أو شرطيته.
  قلت: وهو جواب حسن، وسيأتي زيادة تحقيق في وجوب تعلم ما لا تتم الصلاة إلا به.
  ومن أدلة الحنفية ما في حديث ابن عباس عند ابن ماجة في ذكر إمامة أبي بكر ومجيء النبي ÷، قال: وأخذ رسول الله ÷ في القراءة من حيث بلغ أبو بكر، قالوا: فلو تعينت الفاتحة لا بتدأ بها النبي ÷.
  وأجيب بأنه لا مانع من قراءته للفاتحة بكمالها في غير هذه الركعة التي أدرك أبابكر فيها؛ لأن النزاع إنما هو في وجوب الفاتحة في جملة الصلاة لا في وجوبها في كل ركعة، نعم، يصلح هذا الاحتجاج به على عدم وجوبها في كل ركعة.
فائدة [في ذكر الصحيح من مذهب الحنفية في قراءة الفاتحة]
  ما ذكرناه عن الحنفية من عدم وجوب الفاتحة هو المشهور عنهم، قال الشوكاني: والصواب ما قاله الحافظ أن الحنفية يقولون بوجوب قراءة الفاتحة، لكن بنوا على قاعدتهم أنها مع الوجوب ليست شرطاً في صحة الصلاة لأن وجوبها إنما يثبت بالسنة والذي لا تتم الصلاة إلا به فرض، والفرض لا يثبت عندهم بما يزيد على القرآن، وقد قال [الله] تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ}[المزمل: ٢٠]، فالفرض قراءة ما تيسر، وتعيين الفاتحة إنما يثبت بالحديث فيكون واجباً يأثم من يتركه وتجزي الصلاة بدونه.