مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]

صفحة 3015 - الجزء 5

الفصل التاسع في عصمتهم في الأفعال التي تجري مجرى الأقوال في التبليغ

  وذلك نحو أن تكون بياناً لمجمل واجب، كأفعال الصلاة والوضوء ونحوهما، مما يؤخذ بيانها من أفعالهم، وكذلك سائر ما يفعلون من القرب وتفاصيل الشرائع، فهذا يجب القطع بعصمتهم فيها؛ والحجة على ذلك كالحجة على الأقوال المتعلقة بالتبليغ، ويدل على ذلك أن الله تعالى قد أمرنا بالاقتداء بهداهم، والتأسي بأفعالهم أمراً مطلقاً، ولو كان يجوز عليهم الخطأ في شيء من ذلك لما حسن إطلاق الأمر.

الفصل العاشرة في عصمتهم عن الكبائر التي لا تتعلق بالتبليغ

  أما الكفر فقد مر أنهم معصومون عنه قبل البعثة وبعدها بالإجماع، وأما غيره من الكبائر فقد مر الخلاف في عصمتهم عنها قبل النبوة، وأما بعدها فمن عدا الحشوية والكرامية مجمعون على عصمتهم عنها، وادعى القاضي إجماع المسلمين على ذلك، ولعله أراد إجماع السلف ومن يعتد بقوله واختلف القائلون بعصمتهم في دليل ذلك، فقالت العدلية: دليل المنع العقل والسمع.

  وقالت الأشاعرة: بل دليله السمع فقط، قال في (شرح المواقف) وغيره: المحققون من الأشاعرة: إن العصمة فيما وراء التبليغ غير واجبة عقلاً؛ إذ لا دلالة للمعجزة عليه، فامتناع الكبائر عمداً مستفاد من السمع وإجماع الأمة، قبل ظهور المخالف.