المسألة الثالثة: [في الشفاعة]
  النار، وبعضهم قال: بل يشفع لهم قبل دخولها فلا يدخلونها. قال: وهذا ظاهر قول المجبرة. وقال الرازي حاكيًا عن أصحابه: تأثيرها يعني الشفاعة في إسقاط العذاب عن المستحقين له إما بأن يشفع لهم في عرصة القيامة، حتى لا يدخلون النار، وإن دخلوا فيشفع لهم حتى يخرجوا منها ويدخلون الجنة. وقد ذكر الموفق بالله أن منهم من يجوزها قبل وبعد(١).
  واعلم أن الشفاعة لا تكون لكافر إجماعًا لظاهر الآية. ونحوها.
تنبيه: [في الشفاعة عند المجبرة]
  ظاهر الحكاية لمذهب المجبرة أنهم يقصرون الشفاعة على أهل الكبائر، وممن صرح بذلك الإمام المهدي، فإنه قال في حكايته لمذهبهم: إن الشفاعة لا تكون إلا لأهل الكبائر؛ وليس كذلك، فإن منهم من يجوزها للأمرين. أعني جلب المنافع الزائدة على قدر الاستحقاق، ودفع المضار المستحقة على المعاصي، وممن صرح بذلك الرازي والقاضي عياض.
الموضع الرابع: في حجج أهل العدل، وهي كثيرة
  أحدها: لو كانت الشفاعة ثابتة للفساق قطعًا كما زعم الخصم لكان في ذلك إغراء بالقبيح؛ لأن العبد إذا علم أنه لا يدخل النار بالشفاعة وإن دخلها خرج بسببها حمله ذلك على فعل القبيح، وليس الإغراء
(١) أي قبل دخول النار وبعده. تمت. مؤلف.