المسألة الثالثة: [في الشفاعة]
الموضع الثاني: في بيان موضوعها
  وقد اختلف فيه، فذهب الجمهور إلى أن موضوعها جلب النفع ودفع الضرر. وقالت المجبرة: بل موضوعها دفع الضرر فقط. هكذا أطلق الرواية عنهم الإمام المهدي، ونسبه القرشي إلى أهل الإرجاء، وفي إطلاقهما نظر، فإن بعضهم ومنهم الرازي يقول: إنها تكون للأمرين(١).
  احتج الجمهور بأنه يجوز أن يقال: شفعت إلى الأمير في قضاء حاجة فلان، أو للزيادة في عطائه كما يقال: شفع إليه ليصفح عنه، وكذلك يقال: شفع فلان إلى فلان لفلان ليقضي دينه، أو ليغني فقره أو نحو ذلك.
  قلت: ويدل على ذلك قوله تعالى في وصف الملائكة: {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ...}[غافر: ٧] الآية، فإنهم قد سألوا للمؤمنين دفع المضرة بالاستغفار لهم، وقوله: {وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ ٧}[غافر] وجلب المنفعة بقولهم: {وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ ...} الآية [غافر: ٨]؛ ويشهد لهم من شعر العرب قولهم:
  كل شافع رواره من ضميره ... عن البخل تاهيه وبالجود آمره
  فأخبر أن الشفعاء ينهونه عن البخل ويأمرونه بالجود. وذلك نفع.
(١) أي جلب النفع ودفع الضرر. تمت. مؤلف.