المسألة الثانية [بيع المصاحف]
  بين الأدلة وسلامتها من الرد والإبطال؛ وهكذا يقال فيما حكي عن الصحابة من الكراهة.
  وأمَّا الاحتجاج بأنها لم تكن تباع في عهد النبي ÷ فلا وجه له؛ إذ عدم وقوع البيع لا يدل على عدم الجواز، إلا لو علم أنهم تركوه لمنع النبي ÷ منه ولم ينقل المنع أصلاً.
تنبيه: [في بيع ما تضمنه المصحف]
  أمَّا لو قصد بالبيع ونحوه ما تضمنه المصحف من القرآن فالظاهر التحريم للآية ونحوها، وقد أشار إلى هذا السيد أبو العباس وغيره.
  قال في شرح القاضي زيد: قال أبو العباس |: إنه يجب أن يكون البيع متناولاً للجلد والكاغد، وهكذا ذكره أصحاب أبي حنيفة.
  قال السيد أبو طالب: وهو الصحيح لأن المكتوب لا يصح بيعه.
  قال #: وما روي عن ابن عمر وغيره من كراهة بيع المصاحف يجب أن يكون محمولاً على بيع نفس المكتوب.
  قلت: وهذا تأويل آخر لهذه الكراهة، غير ما ذكره البيهقي.
  (فرع): وبيع كتب العلوم الدينية وشرائها وكتابتها بالأجرة وتأجيرها جائز، كبيع المصحف إذ البيع لا يتناول إلا الجلد ونحوه، كما مر، ولا يبعد أن الخلاف فيها كالخلاف في المصحف؛ إذ هي متضمنة لآيات الله تعالى - أي أحكامه وأوامره ونواهيه -، فيمكن إجراء أدلة الأقوال المتقدمة هنا. والله أعلم.