مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [في بحث لفظة (كل) مع ألفاظ العموم]

صفحة 1859 - الجزء 3

  في الآخر. وقيل: للعموم صيغة في الأمر والنهي، والوقف في الأخبار كالوعد والوعيد. قال في شرح الغاية: حكاه أبو بكر الرازي عن الكرخي. ثم قال: وربما ظن أن ذلك مذهب أبي حنيفة؛ لأنه كان لا يقطع بوعيد أهل الكبائر من المسلمين، ويجوز أن يغفر الله لهم في الدار الآخرة.

  قال سيلان: وأشار بقوله: ربما ظن إلى أن تجويز العفو لا يقتضي الوقف؛ لاحتمال أن يقول أبو حنيفة بثبوت الصيغ، وتجويز العفو لعدم القطع بدلالتها. وفي الجوهرة وتعليقها عن المرجئة أنهم ينفون الصيغة في الأخبار دون الأمر والنهي. وللجمهور في إثبات مذهبهم مسلكان:

  أحدهما: أن في اللغة ألفاظاً موضوعة للعموم على الجملة.

  والثاني: ما يدل على ألفاظ مخصوصة أنها وضعت للعموم.

[المسلك الأول: وجود ألفاظٍ لعموم في اللغة]

  المسلك الأول: في أن في اللغة ألفاظاً للعموم على الجملة، ولهم على ذلك أدلة:

  الدليل الأول: أن العموم معنى عقله أهل اللغة، ومَسَّتْهم الحاجة إلى العبارة عنه، والتخاطب، والتفاهم به، فيجب أن يضعوا له لفظاً، كما وضعوا لما مستهم إليه الحاجة من المعاني التي عقلوها، نحو: الفرس، والحمار، والسيف.

  فإن قيل: ومن أين لكم أنهم عقلوه؟