مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [في أن العبادة شكر]

صفحة 1964 - الجزء 3

  بالتكليف تطهير القلب، فلو قدرنا إنساناً مشتغلاً بالله تعالى، بحيث لو اشتغل بهذه الأفعال الظاهرة كان عائقاً عن الاستغراق في معرفة الله تعالى وجب أن تسقط عنه هذه التكاليف.

  والجواب: أما الشبهة الأولى فمبنية على أن الفعل لا يقع إلا لداع، وأن ذلك الداعي موجب، وقد أبطلنا ذلك في المقدمة، وفي المسألة السابعة مما يتعلق بقوله تعالى: {خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ}⁣[البقرة: ٧]. وأما الثانية فقد مر جوابها في السادسة من مسائل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ...} الآية [البقرة: ٦]، وقررنا: ثمة أن العلم لا يؤثر في المعلوم. وأما الثالثة فقد أوضحنا في المقدمة، وفي سياق قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} أن الفائدة للعبد، وأنه لا يحسن الثواب من دون توسط المشقة. وأما الرابعة فقد استوفينا الدلالة على أن العبد الموجد لفعله في مواضع من كتابنا هذا، وبسطنا القول فيها في الاستعاذة. وأما الخامسة فقد تقدم لهم نظيرها في الحمد، وأجبنا هنالك.

المسألة الرابعة [في أن العبادة شكر]

  ظاهر الآية أنه تعالى إنما كلف بالعبادة شكراً على ما ذكره من نعمة الخلق، وما بعده، وفي المسألة خلاف، فقال الإمام شرف الدين، والإمام القاسم بن محمد: إن وجه وجوب الواجبات الشرعية كونها. شكراً على النعم العظيمة، وهو ظاهر قول أبي القاسم البلخي⁣(⁣١)، وقال في الجواب المختار: هو إجماع قدماء العترة $.


(١) إنما قال: وهو ظاهر قوله لأن في عبارة بعضهم أنه وإن قال: إن وجه الوجوب كونها في مقابلة النعمة، فلم يجعلها شكراً بل جارية مجرى الشكر، فيحقق. تمت مؤلف.