مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [تفضيل الأنبياء]

صفحة 2884 - الجزء 5

  من أرباب المقالات أن المعتزلة قالوا: إن أدنى ملك في السماء أفضل من محمد ÷ ليس بصحيح عنهم.

  وحكى السيد محمد بن عز الدين عن بعض أهل البيت الوقف، وقد حكى الوقف أيضاً الإمام المهدي ولم يعين قائله، ومن القائلين بالوقف الإمام عز الدين قال في (المواقف) ومحل النزاع إنما هو في الملائكة العلوية السماوية، وأما السفلية الأرضية فلا نزاع أن الأنبياء أفضل منهم.

  قلت: وقد مر في الأولى من مسائل قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ}⁣[البقرة: ٣٠] أنه لا دليل على إثبات الملائكة السفلية التي يعبرون عنها بالأرواح السفلية، بل قوله تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ} الآية [الإسراء: ٩٥] يدل على أن الأرض ليست من مساكن الملائكة، وأنهم لا يستقرون فيها على جهة الحلول والاطمئنان، وفي كلام أمير المؤمنين # ما يؤيد هذا.

الموضع الثاني في ذكر الحجج

  وينبغي قبل الكلام على تفصيلها أن نتكلم في معنى الأفضلية من حيث هي، وقد تقدم فيها بحث مفيد في الثالثة من مسائل قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ}⁣[البقرة: ٣١] ونقول هنا: لا شك أن سبب الزيادة في الفضل لا يكون إلا من جهة شرف الحسب، أو كثرة الأعمال الصالحة، حتى يكون صاحبها أكثر الناس ثواباً عند اللّه، أو حصول صفات الكمال النفسانية، كالشجاعة، والسخاء ونحوهما؛ إذ لا يقدر جهة للتفضيل من غير هذه الجهات.