المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]
  الثالث: أنه معلل بوجه معلوم يرجع إلى المقدور وهو أنه لو وجد الجسم في الأزل انقلب جنسه، وصار المحدث قديما وذلك محال. أو إلى القادر فيقال: لو وجد الجسم في الأزل قدح في كونه قادراً لأن من حق القادر أن يكون متقدماً على ما فعله، ولو وجد في الأزل لم يصح هذا. أو إليهما.
  قال القرشي: وهو وجوب تقدم القادر وتأخر المقدور من حيث يؤثر على جهة الصحة وإلا لم يكن قادراً ولا المقدور مقدوراً.
  قال الإمام عز الدين #: ثم إنا نعارضكم بالحادث اليومي(١) فإنه كان مستحيلاً في الأزل ثم صار صحيحاً فيما لا يزال ولا محيد لكم عن مثل جوابنا.
  قلت: وهو ما صدرنا به الجواب هنا. قال: إلا أن يقولوا: استحالة وجوده في الأزل إنما هي لزوال شرط وجوده وهو تقدم حوادث عليه لا لذاته فلم يخرج حين صح عن ذاتي لكنا نقول: إن ذلك يلزم في كل حادث فلا يتناهى ما يقف عليه كل حادث، وقد التزمت الفلاسفة ذلك لكنه يلزمهم أن لا يصح وجود الحادث لوقوفه على ما لا يتناهي.
الشبهة الرابعة
  قالوا: حدوثه يستلزم أن يكون قبله عدم وهذا الحدوث حاصل بعده والقبلية والبعدية صفتان وجوديتان وليستا عبارة عن مجرد العدم
(١) كالنبات والثمار وما شاكلهما وهم يعترفون بحدوثها. تمت مؤلف.