المسألة الثانية [الاختلاف في حقيقة الحمد]
فائدة [في ذكر أركان الحمد]
  اعلم أن أركان الحمد خمسة: حامد، وهو من صدر منه الثناء، ومحمود وهو من أثني عليه، ومحمود عليه وهو الصفات والأفعال الجميلة، ومحمود به وهو مدلول الصيغة كالكرم، وصيغة وهي اللفظ الدال على الثناء وكقولك زيد كريم، وقد جمعها قوله تعالى: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ١٨٢}[الصافات]، ثم إن المحمود عليه وبه قد يختلفان ذاتاً واعتباراً كما إذا قلت: زيد عالم في مقابلة إكرامه لك، وتارة يتحدان ذاتاً ويختلفان اعتباراً كما إذا قلت: زيد كريم في مقابلة إكرامه لك فالكرم من حيث أنه باعث على الحمد محمود عليه، ومن حيث أنه مدلول للصيغة محمود به، وقد علم مما مر أن المحمود به لا يجب أن يكون اختيارياً بخلاف المحمود عليه.
تنبيه [في الحمد بالقول وغيره]
  قد سبق أن الذي تدل عليه كتب اللغة أن الحمد لا يختص بالقول، وقد اختلف العلماء في ذلك فظاهر ما ذكره الزمخشري وغيره ممن اعتبر في حده القول أنه لا يكون بغيره.
  وقال زيد بن علي #، والرازي وحكاه ابن أبي الحديد عن الراوندي: أنه يكون بالقول وغيره.
  قال زيد بن علي # في قوله تعالى: {الْحَمْدُ}: يقول: الشكر لله على عباده بما أنعم عليهم، وشكرهم إياه وحمدهم إياه طاعتهم إياه فيما أمرهم به ونهاهم عنه، والكلمة جامعة لكل طاعة ونعمة؛