المسألة التاسعة عشرة [في بيان أنه لا بد للمحدث من محدث مختار]
  فلم يصر بعضه شيئاً آخر، وإن لم يبق على حاله فقد عدم وهو حدوث شيء آخر.
  واعلم أن للقوم شبها غير ما ذكرنا، لكنها ظاهرة الضعف فلا نطيل البحث بما لا طائل تحته، وربما نأتي ببعضها في أثناء الكتاب حيث اقتضى المقام ذلك، وقد نبهناك على أنها شبه لا تقدح في شيء من أركان دليل حدوث العالم، بل هو دليل صحيح صريح، ولا شك أنه إذا صح الدليل لزم منه العلم بالمدلول فلا تقدح فيه الشبه المشككة في المدلول مع قضاء الدليل القطعي به وإن عسر التعبير عن حلها، فاجعل هذا أصلا يرجع إليه، وفقنا الله وإياك لما يرضيه آمين.
المسألة التاسعة عشرة [في بيان أنه لا بد للمحدث من محدث مختار]
  اعلم أن الآية كما قد تضمنت دليل حدوث العالم فقد تضمنت الدلالة على أنه لا بد له من محدث فاعل مختار، وذلك أن العالم اسم لما سوى الله، وإضافة الرب إليه تدل على افتقاره إلى غيره في وجوده وبقائه، وقد قيل: إن العلم بأن المحدث لا بد له من محدث ضروري لا يحتاج إلى نظر، رواه السيد محمد بن إبراهيم الوزير عن كثير من العقلاء.
  وفي المعراج عن المؤيد بالله والإمام يحيى أن المعرفة قد تحصل ضرورة في الدنيا لبعض المكلفين كالأنبياء والأولياء فلا يجب عليهم النظر، وهذا محكي عن السيد حميدان وهو قول أبي علي الأسواري