مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة: [في الظن]

صفحة 3563 - الجزء 6

  يصلي ركعتين، فأمهله فأحرم بصلاته، فلم يفرغ عنها إلا وقد أظللتهما سحابة مظلمة لا يرى أحدهما صاحبه، وأرسلت مطرًا شديدًا، فلما انجلت السحابة وكان الحسيني قد غاب عنه ونجي.

المسألة الثالثة: [في الظن]

  قد مر أن الظن ترجيح أحد الجانبين، وهذا معناه اللغوي، وعليه جرى أهل الاصطلاح، ويطلق على الشك، وقد اخلتف فيه علماء الكلام، هل هو جنس برأسه، أو من قبيل الاعتقاد، فذهب أبو علي وقاضي القضاة وغيرهما إلى الأول، وهو ظاهر كلام الإمام المهدي، وذهب أبو هاشم إلى الثاني، وهو الظاهر من قول كثير من الأصوليين، واختاره الرازي في التفسير. فقال: الظن هو الاعتقاد الراجح، وقال في تفسير قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ...} الآية [البقرة: ٣١] بعد أن ذكر أن الظن هو الاعتقاد الراجح ما لفظه: ولما كان قبول الاعتقاد للقوة والضعف غير مضبوط فكذا مراتب الظن غير مضبوطة، فلهذا قيل: إنه عبارة عن ترجيح أحد طرفي المعتقد في القلب على الآخر مع تجويز الطرف الآخر، ثم إن الظن المتناهي عنه في القوة قد يطلق عليه اسم العلم، فلا جرم قد يطلق أيضًا على العلم اسم الظن، كما قال بعض المفسرين في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}⁣[البقرة: ٤٦] قالوا: إنما يطلق لفظ الظن على العلم هاهنا لوجهين:

  أحدهما: التنبيه على أن علم أكثر الناس في الدنيا بالإضافة