المسألة الثامنة [دلالة الحمد على القدرة]
المسألة الثامنة [دلالة الحمد على القدرة]
  قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} يدل على أن الله تعالى قادر على فعل القبيح؛ لأنه قد دل على أنه محمود على الإطلاق، أي على الفعل والترك، والحمد على ترك القبيح إنما يصح إذا تركه لقبحه مع القدرة عليه؛ إذ لا يحمد العاجز على ترك القبيح إن لم يتركه إلا لعدم القدرة على فعله، وفي المسألة خلاف، فقال الجمهور هو تعالى قادر على ما لو فعله لكان قبيحاً، ويصح أن يقع منه لولا العدل والحكمة، هكذا نسبه القرشي إلى الجمهور.
  قال الإمام (عز الدين) #: أراد بالجمهور الزيدية، وأكثر المعتزلة منهم الشيخان، والقاضي، والبغدادية، وبالغت البغدادية في ذلك حتى قالوا: إن منكره كافر. وقال أبو الحسين، وابن الملاحمي، وأبو الهذيل: يقدر عليه، ويستحيل منه لفقد الداعي. وقال النظام، والجاحظ، وأبو علي الأسواري: لا يوصف بالقدرة عليه فلا يقال: إنه قادر عليه وقالت المجبرة: لا يقدر عليه منفرداً، بل يوجده والعبد يكتسبه، هكذا أطلق الحكاية عن المجبرة القرشي وغيره، واستدرك عليه الإمام عز الدين # فقال: إنه قد نسب هذا القول إلى النجارية فقط، وقال في العيون: عند الحشوية، والرافضة، والمجبرة إنه تعالى يقدر على القبيح، فنسبه إلى المجبرة على الإطلاق.
  قال الإمام #: وهذه الحكاية توافق مذهبهم؛ لأنهم يقولون إنه لا يقبح منه تعالى قبيح، ولا قبيح يمكن وقوعه من جهته تعالى إلا النجارية فهم يذهبون إلى أن القبيح يقبح لعينه كالبغدادية.