المسألة الأولى [في قبح الاستهزاء ونسبته إلى الله ومعناه]
  قوله تعالى: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١٥}[البقرة]
  تتعلق بالآية مسائل:
المسألة الأولى [في قبح الاستهزاء ونسبته إلى الله ومعناه]
  يقال: لا شك في قبح الاستهزاء؛ لأنه لا ينفك عن التلبيس والجهل، وهما قبيحان؛ ولذا استعاذ منه موسى #، وسماه جهلاً لما قيل له: {أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ٦٧}[البقرة] فكيف جاز أن ينسب إلى الله تعالى؟. وأيضاً، الدواعي إليه خوف الأذى، واستجلاب النفع، والهزل واللعب اللذين هما أساس الجهل والسفاهة، وهل هذه الآية وما شابهها إلاَّ حجة لما ذهب إليه المجبرة من أن الله تعالى لا يقبح منه ما يقبح من غيره لو فعله؟. وقد حكى الناصر # عنهم أن ذلك كاستهزاء العباد بعضهم ببعض. وأما من ينفي فعل القبيح عن الله تعالى من أعداء الإسلام، فقد تمسكوا بها على الطعن في القرآن، لاشتماله على الكذب والفساد؛ إذ لو كان من عند الله لم ينسب إلى نفسه هذا القبيح الذي لاشك في عدم وقوعه منه.
  والجواب: أن الفريقين إنما أُوتُوْا من جهلهم بلغة العرب، وعنادهم لمن أمرهم الله بسؤاله عما جهلوا، ونحن نجيب على الطائفتين