المسألة الرابعة [في مسألة الإرادة]
  لأن أصحابنا يجعلون الكلام عليهما في مسألة واحدة، وهذا أوان الشروع في تلك المواضع فتقول:
الموضع الأول في حقيقة الإرادة والكراهة
  ويتصل بهما بيان حقيقة المريد والكاره، فأما الإرادة والكراهة فقال السيد مانكديم: الإرادة هي ما توجب كون الذات مريداً، والكراهة ما توجب كونه كارهاً.
  وقال الإمام المهدي: الإرادة هي المعنى الموجب لمن اختص به صفة لأجلها يوقع فعله علي وجه دون وجه. قال: لأن الذي يؤثر في ذلك هو المريدية، لا مجرد القادرية، فإنها لا تتعدى الأحداث، وهذا معنى ما ذكره السيد مانكديم، والكراهة ضدها، فهي المعنى الموجب لمن اختص به صفة(١) لأجلها لا يقع منه الفعل.
  وفي (الغياصة): أن الإرادة المعنى الموجب كون الحي مريداً، والكراهة المعنى الموجب كونه كارهاً. قال: وإنما ذكر الحي ليشمل الحد الباري تعالى؛ إذ هو مريد وكاره بإرادة وكراهة، وسيأتي الكلام على هذه المقالة؛ على أن الحد يشمله وإن لم يذكر الحي.
  وحكى الرازي عن المتكلمين أنها صفة تقتضي رجحان أحد طرفي الجائز، لا في الوقوع، بل في الإيقاع؛ واحترزوا بالقيد الأخير عن القدرة. والذي اختاره الرازي أنها لا تحد؛ لأنها ماهية يجدها العاقل
(١) وهي كونه كارهاً. تمت مؤلف.