المسألة السادسة [التعليق على لفظة {اعبدوا}]
  عدم استحقاق الثواب، وأجاب عنه بأنه إذا كانت نعمة الله تعالى السابقة من قبيل التفضل، ثم كلفنا الشاق ولم يجبره بنفع صارت هذه العبادة في مقابلة تلك النعم فخرجت عن كونها نعماً متفضلاً بها، وصارت كتقديم أجرة الأجير على عمله، ثم قال: وعلى الجملة إذا جعل التكليف شاقاً فلا بد وأن يجبره بنفع، وإلا فقد كان يمكنه تأدية شكره من دون مشقة بأن لا يخلق شهوة القبيح ونفرة الحسن كما في أهل الجنة، وهذا الجواب الأخير - أعني قوله وعلى الجملة إلى آخره - هو الذي استحسنه الإمام عز الدين، وأما الأول فقال: فيه تكلف لا حاجة إليه، ومقصودنا من إيراد هذا الجواب الاستدلال به على أن كون العبادة شكراً لا ينافي وجوب الثواب. والله أعلم.
المسألة السادسة [التعليق على لفظة {اعْبُدُوا}]
  قوله: {اعْبُدُوا} ورد مطلقاً، وقد اختلف العلماء في الأمر إذا ورد بمطلق كهذه الآية فإن الأمر فيها بالعبادة ورد مطلقاً من دون تعيين العبادة مخصوصة، هل المطلوب الجزئي المطابق للماهية؟ أم الماهية نفسها؟ فذهب أصحابنا، وأكثر الفقهاء، وابن الحاجب إلى أن المطلوب الفعل الجزئي الممكن المطابق للماهية المشتركة بين الجزئيات لا الماهية نفسها، وقال بعض الشافعية: بل الماهية هي المطلوبة، والأمر إنما تعلق بها لا بشيء من جزئياتها.
  احتج الأولون بأن الماهية يستحيل وجودها في الأعيان، وذلك يوجب امتناع طلبها؛ لأنها لو وجدت فالموجود إما هي فقط،