مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [في الكفر]

صفحة 1470 - الجزء 3

المسألة الثانية [في الكفر]

  اعلم أن الشرع ورد بأحكام تعبدنا الله بها في حق المؤمن، والفاسق، والكافر، من وجوب الموالاة، والمعاداة، والدفن، والتوارث، والمناكحة، والصلاة، ونحو ذلك من الأحكام الشرعية، فيجب على كل من التزم الشريعة المطهرة معرفة الإيمان والفسق والكفر؛ ليمكنه القيام بما كلف من الأحكام المتعلقة بها؛ إذ ما لا يتم الواجب إلا به يكون واجباً كوجوبه.

  فإن قيل: لا يلزمنا إجراء أحكامه عليهم إلا بعد معرفتهم، وتحصيل شرط الواجب ليجب لا يجب.

  فالجواب: أن الله تعالى قد عرفنا أن في أفعالنا ما هو طاعة، وما هو معصية، وأن في المعصية ما هو كفر، وما هو فسق، وأن لكل واحد منهما أحكاماً يجب علينا العمل بها، وقد عرفنا وقوع الطاعات والمعاصي من العباد، ومكننا من تمييز بعضها من بعض، وأمرنا في المطيع بأحكام، وفي العاصي بأحكام، أمراً مطلقاً من غير شرط، كما في قوله تعالى: {لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ}⁣[الممتحنة: ١] وقوله: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}⁣[المائدة: ٥١].

  وقال في المؤمنين والمؤمنات: {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ}⁣[الأحزاب: ٦] ونحوها، وفي السنة الشريفة في بيان الأحكام الواجبة في المؤمنين والفجار ما لا يسعه المقام، وسيأتي في محله إن شاء الله.