المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]
  احتج المانعون بما مر في الفصل العاشر من أدلة منع ارتكابهم الكبائر.
  وقالوا: هي أدلة عامة تمنع من القول بارتكابهم الكبائر والصغائر.
  والجواب: أن عمومها مسلم لكنا قصرناها على الكبائر وما في حكمها من المنفرات لقيام الدليل على جواز الصغائر عليهم عقلاً ونقلا.
  قالوا: العصمة حفظ يستحيل شرعاً وقوع خلافه من سائر الذنوب صغيرها وكبيرها، عمدها وسهوها قبل النبوة وبعدها.
  قلنا: لا نسلم أن معنى العصمة ما ذكرتم، وكيف يقال ذلك وقد نص الله على وقوع الذنب منهم في كتابه وعاتبهم عليها، وقال لأفضلهم وأكرمهم عليه: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ}[الفتح: ٢] وذلك تصريح بجواز وقوع الذنب منه #، والجواز ينافي الاستحالة.
فرع [في كيفية الإقدام على الصغائر من الأنبياء]
  واختلف القائلون بجواز الصغائر في كيفية إقدامهم عليها، فقال الهادي، والناصر، والمرتضى، والإمام أحمد بن سليمان: لا يصح إقدامهم عليها مع العمد والعلم بكونها معصية. وهذا قول أبي علي، وأبي عبد الله، وقاضي القضاة والنظام وجعفر بن مبشر، ورواه في الأساس) عن بعض البغدادية، وفي شرحه عن جمهور أئمة أهل البيته واحتجوا بأن الإقدام مع العمد والعلم بالقبح في التنفير كوقوع الكبيرة؛ إذ يدل على الجراءة على معصية الله تعالى.
  وقال الإمام المهدي: بل يجوز الإقدام مع العمد والعلم بالقبح،