المسألة الثانية [في الكفر]
  فوجب العدول عما يقتضيه من وجوب تعيين الفسق إلى القول بجواز فسق لا دليل عليه.
(تتمة) لهذا الفصل في التكفير بالإلزام.
  اعلم أن من أثبت كفر التأويل فإنه يجوز التكفير بالإلزام وإن لم يلتزمه خصمه، واحتجوا بوجهين:
  أحدهما: أن لزوم الكفر حينئذٍ ليس معلوماً ضرورة، بل دلالة، وإذا كان كذلك جاز أن لا يعلمه الخصم فينكر اللزوم، ولكن إنكاره لا يسقط الكفر عنه، كمن أنكر وجوب الصلاة فإنه يكفر اتفاقاً؛ إذ لزمه تكذيب النبي ÷ وإن لم يلتزمه، بل ادعى أن الرسول ÷ لم يتحملها وليست من شرعه، فكما أن هذه الدعوى لا تسقط عنه الكفر إذ لزومها معلوم، فكذلك فيما علم لزوم التكذيب ونحوه فيه استدلالاً.
  الوجه الثاني: أن سقوط الكفر عنه لا يخلو، إما أن يكون لأجل الشبهة التي تعلق بها، أو لأجل إنكار اللزوم، لا غير، الأول باطل وإلا لزم عدم كفر الفلاسفة واليهود والنصارى لأجل شبههم، والثاني باطل أيضا وإلا لزم أن لا يكفر من أنكر ما علم من الدين ضرورة كالصلاة؛ حيث لم يلتزم كون قوله تكذيباً له ÷. وأما من نفى كفر التأويل فقالوا: لا إكفار بإلزام إلا حيث الخصم يلتزم ما ألزم، ويعلم بدليل قاطع أن ذلك كفر.
  قال الرازي: فأما الذي يعرف بالدليل أنه من دينه ÷ مثل كونه عالماً بعلم أو لذاته، وأنه مرئي أو غير مرئي، وأنه خالق أعمال العباد أم لا، فلم ينقل بالتواتر القاطع للعذر مجيئُهُ # بأحد القولين