المسألة السابعة [وجوب النظر]
[التقليد في أصول الدين]
  إذا عرفت هذا فنقول: احتج الجمهور على أنه لا يجوز التقليد في الأصول بالعقل. والنقل. أما العقل فمن وجوه:
  أحدها: أن المقلد إما أن يقلد أرباب المذاهب جملة، وهو باطل؛ لأنه يؤدي إلى اجتماع الاعتقادات المتضادة، وإما أن يقلد بعضاً دون بعض كان ذلك تحكماً، فإن قالوا نقلد الزهاد فلتقليدهم مزية، قيل: ليس الزهد من أمارات الحق: بدليل أن في اليهود والنصارى زهاداً ورهباناً وهم على غير الحق؛ ولأنا لا نجد طائفة إلا وفيهم زهاد وعباد، فإما أن يقلدهم جميعا، أو يقلد بعضاً دون بعض، وعلى أيهما يلزم ما مر، وأيضا فإن الزاهد قد يرجع عن زهده إلى خلافه، وغير الزاهد قد يرجع زاهدا، والعقيدة بحالها فينقلب الحق باطلاً، والباطل حقاً، وذلك محال، فما أدى إليه يجب أن يكون(١) محالاً.
  فإن قالوا: نقلد الأكثر فللكثرة مزية.
  قيل: الكثرة لا تدل على الحق لأن الله تعالى قد ذم الأكثرين في غير آية، ومن أراد استقصاءها فعليه بكتاب (مدح القلة وذم الكثرة)(٢) للإمام الشهيد زيد بن علي #، ويدل على ذلك قول علي #
(١) وهو كون الزهد أمارة على الحق تمت مؤلف.
(٢) كتاب (مدح القلة وذم الكثرة) من أهم كتب الإمام زيد بن علي # ومنه قوله #: (إن أهل الحق والجماعة وأتباع الرسل أهل القلة. وإن أهل البدع والضلالة هم الأكثرون، وإنا سمعنا الله جل اسمه يثني على أهل القلة ويمدحهم، ويذم أهل الكثرة ويجهلهم ويسفههم ويكذبهم ويضللهم، وينهى عباده الصالحين عن اتباعهم والاقتداء بهم والأخذ بمقالتهم) ثم ساق # الآيات الدالة على مدح القلة وذم الكثرة، وهذه الرسالة وغيرها من رسائله تعمل مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية على طبعها ونشرها.