مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [الجواب على شبه المجبرة من خلال استدلالهم بهذه الآية]

صفحة 1823 - الجزء 3

  وحاصله أن معنى الاستهزاء ونحوه مغاير لمعنى ما يجب نفيه عن الله من اللعب، والعبث، والجهل، وأن الاستهزاء في اللغة ما ذكره، وإذا كان معناه مغايراً لمعنى ما لا يجوز وصف الله تعالى به وقد وصف به نفسه، فلا وجه لإخراجه عن ظاهره، ولا ملجئ إليه. والله أعلم.

المسألة الثانية [الجواب على شبه المجبرة من خلال استدلالهم بهذه الآية]

  تمسكت المجبرة بقوله تعالى: {وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١٥}⁣[البقرة] في إثبات مذهبهم فإن الله الخالق لأفعال العباد. قال بعضهم: وإسناد هذا المد إلى الله تعالى مع إسناده في قوله تعالى: {وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ}⁣[الأعراف: ٢٠٢] إلى العباد يحقق لقاعدة أهل الحق، من أن جميع الأشياء مستند من حيث الخلق إليه تعالى، وإن كانت أفعال العباد مستندة إليهم من حيث الكسب. وقد استدل بها بعضهم على أن الله تعالى يريد المعاصي من العباد؛ إذ لو لم يردها منهم لما زادهم منها.

  والجواب: أن للعدلية في رد هذه الشبهة مسلكان:

  أحدهما: أن المد بمعنى الإمهال، وهذا قول زيد بن علي، وأبي علي، والقرشي. قال أبو علي: ويمدهم، أي: يمد عمرهم، ثم إنهم مع ذلك في طغيانهم يعمهون، وليس المراد أنه يمد في عمرهم ليطغوا، بل المراد أنه تعالى يبقيهم ويلطف بهم في الطاعة، فيأبون إلا أن يعمهوا.

  قلت: ظاهر كلام أبي علي أن قوله: {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ١٥}⁣[البقرة]