[عدم التقيد بمذهب معين]
  المقصود أن الناظر يقلد من سبقه من الأئمة والعلماء، وإنما المقصود الاستعانة بما فهموه من الأدلة، ونبهوا عليه من مدلولاتها، ثم يميز بعقله بين صحيحها وسقيمها، ويصير كأنه الذي فهمها واستنبطها، ولا يبعد أن هذا أمر مجمع عليه، وإلا فما فائدة تأليف الكتب، وتدوين الأقوال وتقييدها بالكتابة، ويشهد له قول أمير المؤمنين #: (من استبد برأيه هلك، ومن شاور الرجال شاركها في عقولها). رواه في النهج(١).
  وقد قبل كثير من العلماء رواية كافر التأويل وفاسقه، بل ادعى بعضهم الإجماع على قبولها مع تحريمه للكذب وهي أعظم من الدراية؛ لأن الحامل يستند إليها، بخلاف الدراية فإنما ينتبه لها ثم تصير دراية له إن ظهر صحة مأخذها واحتمال اللفظ لها، فهو غير مستند إلى صاحبها أصلاً.
[عدم التقيد بمذهب معين]
  الأمر الرابع: أن لا يتقيد بمذهب مخصوص، بل يجعل كتاب الله حاكماً على كل مذهب؛ لأن من تقيد بمذهب واعتقد صحته قبل النظر في الأدلة عسر عليه الخروج منه، وأداه ذلك إلى تأويل الأدلة، وردها إلى ما قد اعتقد بجهله صحته، وهذا مشهور معلوم؛ فعليك بتجنب هذه الخصلة، واجعل نظرك كله لخلاص نفسك، و تحصيل نفعك، ولا تشغلها بتقويم كلام غيرك فتكون
(١) ص (٥٠٠). ٦٦٥ أعلمي.