مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [شبهة استدلال المجسمة بهذه الآية على أن الله ø شأنه في كل مكان]

صفحة 2648 - الجزء 4

  بالأشياء لما جعل الله فيه من المنافع العظيمة، كحمله الأصوت والروائح والسحاب، إلى غير ذلك، ولو كان ضيقاً لأدى إلى الضرر وإباحة الأسرار، وفوات المنافع التي لا تحصل إلا بما هو عليه من السعة والدقة والصفاء، فحدوثه وأثر التدبير فيه ظاهر لا يخفى؛ ألا ترى أنه مع كبره ضعيف يتغير بالظلم والأنوار، وتعاقب الليل والنهار، وحلول السحاب فيه والغبار، وكل متغير فهو محدث؛ ثم هو مع ذلك مُعدٌ لما ذكرنا من المنافع وغيرها، وذلك دليل كونه مدبَّراً⁣(⁣١)، وما كان مدبَّراً فلا بد له من مدبِّر.

فائدة

  قال الإمام المهدي: حكى الجويني عن الأستاذ أبي إسحاق أن استغناء تعالى عن المكان والحيز لمعنى؛ لأن الاستغناء ليس نفياً محضاً، بل إشارة إلى أنه قائم بذاته مستقل وهذا ثبوتي، وإذا كان ثبوتياً والمعقول منه مغاير للمعقول من ذاته المخصوصة لزم كونه معنى.

  قال الإمام #: والجواب أنا لا نسلم أن الاستغناء أمر ثبوتي؛ سلمنا، فلا نسلم أن معني كونه قائماً بنفسه مغاير للمعقول من ذاته، بل المرجع به إلى أنه غير محتاج، وهو نفي.

تنبيه

  ما مرَّ مَن قول علي #: (وإنه لبكل مكان)، يدل على جواز إطلاق القول بأنه تعالى بكل مكان، وإن لم يقيده بما يرفع الإيهام،


(١) اسم مفعول. تمت مؤلف.