مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]

صفحة 3307 - الجزء 5

  ويحرم⁣(⁣١) الزائد إلا إذا طابت به نفوسهم، وذكر فيه أيضاً أنه إذا كان فيهم غائب أو صغير بعث الحاكم قساماً وأجرته من بيت المال، وكذا إذا تشاجروا في القسام ولم يعرف الحاكم أنه⁣(⁣٢) حيلة.

  واعلم أن القول بالتحريم مطلقاً مطابق لأصول الشريعة، فإنها تدل على أنه يجب على المسلمين نفع بعضهم الآخر، ومعاونتهم، كما قال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}⁣[المائدة: ٢] «المؤمنون كالبنان» «المؤمن أخو المؤمن» وغير ذلك كثيرة فلا يستبعد القول به مع ما ذكرنا من اختلاف العلماء.

تنبيه [الأجرة على الكتابة وقصاصة الورق]

  قد ثبت بما تقدم تحريم أجر القاضي والمفتي على الحكم والفتوى، فهل يحل لهما ما أخذاه على كتابة ذلك وقصاصة الورقة، وكذلك إذا كان الحاكم لا يظهر له الحكم إلا بالسير إلى محل النزاع ونحوه، فهل يجوز له الأخذ على سيره؟

  والجواب: أنه لا يخلو إما أن يأخذ أكثر مما يستحق، ويعتبر بأجرة مثله⁣(⁣٣) غير قاض، فهذا قال الإمام المهدي: يقطع بتحريمه، وصحح للمذهب؛ الأنه إذا كان بطيب نفس الدافع فهو هدية، وقد تقدم أنها محرمة إذا كانت لأجل الحكم والولاية، والزائد هذا لا يكون إلا من أجلهما، وإن لم يكن بطيبة من نفسه فهو من أكل مال الغير بالباطل،


(١) يعني في الفاسدة، تمت مؤلف.

(٢) هكذا في الأصل، ولعل الصواب (أنها) انتهى.

(٣) أي على صفته في العلم وحسن الخط. تمت مؤلف.