المسألة الخامسة [استطراد في ذكر النهي]
  ولقوله: {فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ٣٥}[البقرة] إذ معناه إن أكلتما كنتما من الظالمين، ولذا قالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}[الأعراف: ٢٣] ولاستحقاق آدم الخروج من الجنة، ولوجوب التوبة.
المسألة الخامسة [استطراد في ذكر النهي]
  قال الرازي: النهي عن قرب الشجرة لا يفيد النهي عن الأكل؛ إذ ربما كان الصلاح في ترك قربها مع أنه لو حمل إليها لجاز أكلها(١)، قال: بل هو الظاهر، والنهي عن الأكل إنما استفيد من دليل آخر، وهو قوله: {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ}[الأعراف: ٢٢] وتصدير الإباحة بالأكل، وهو قوله: {وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا}[البقرة: ٣٥] فصار كالدلالة على أنه نهاهما عن الأكل، وقال غيره: بل يفيد النهي عن الأكل بطريق الأولى.
  قال أبو السعود: وإنما علق النهي بالقربان منها مبالغة في تحريم الأكل، ووجوب الاجتناب، وذكر أبو حيان نحوه، وهذه قاعدة يتخرج عليها كل ما نهي عن قربه فإنه يتناول الوجه المقصود من الانتفاع به بالأولى، وقد أشار إلى هذا الراغب فقال في قوله: {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ}[الأنعام: ١٥٢]: هو أبلغ من النهي عن تناوله؛ لأن النهي عن قربه أبلغ من النهي عن أخذه، قال: وعلى هذا قوله: {وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ}[البقرة: ٣٥] {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ}[البقرة: ٢٢٢] كناية عن الجماع {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا}[الإسراء: ٣٢].
(١) في تفسير الرازي، الطبعة الأولى: (لو حمل إليه لجاز له أكله) انتهى، تفسير الرازي ج ١ ص (٤٥١).