المسألة الثانية عشرة [حال إبليس]
فائدة [هل كان قبل ابليس كافر ام لا؟]
  اختلف القائلون بأن كان بمعنى صار في أنه هل كان ثَمَّ كفار قبل إبليس حتى يكون هو بعضهم؟
  فقيل: نعم بدلالة (من) فإنها للتبعيض ولا يصح معناها إلا بذلك، ورووا عن أبي هريرة أنه قال: إن الله تعالى خلق خلقاً من الملائكة ثم قال لهم: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ ٧١ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ٧٢}[ص] فقالوا: لا نفعل ذلك، فبعث الله عليهم ناراً فأحرقتهم، وكان إبليس من أولئك الذي أبوا. رواه الرازي، ومعناه مروي عن ابن عباس، ذكره في (الدر المنثور) وقال في رواية: {إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ٧٤}[ص] الأولين.
  وقيل: لم يكن قبله أحد، ثم اختلفوا، فقال الأصم وهو ظاهر ما مر عن ابن جرير: معنى الآية أنه صار من الذين وافقوه في الكفر بعد ذلك، فأضيف إليهم لأجل الموافقة كما أضيف بعض المنافقين إلى بعض لذلك في قوله تعالى: {بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ}[التوبة: ٦٧].
  وقيل: بل هو من إضافة بعض أفراد الماهية إليها، وصحة هذه الإضافة لا يحتاج إلى وجود تلك الماهية، كما أن أول حيوان خلقه الله تعالى يصح أن يقال فيه إنه فرد من أفراد هذه الماهية على معنى أنه فرد من أفرادها، لا على معنى أنه واحد من الحيوانات الموجودة خارج الذهن، وعلى هذا فيصح أن يقال: إن إبليس أول من كفر بالله تعالى.