مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية في التوبة

صفحة 3070 - الجزء 5

  المساواة بين التائب من معاصي متعددة وبين التائب من معصية واحدة شبيهاً في الظاهر بما ألزموه أبا علي من المساواة بين [من] مات على معصية بعد طاعة، وبين من مات على معصية لم تتقدمها طاعة، فرق النجري بين الصورتين بما ذكر، لكن الظاهر من كلام أبي هاشم والإمام المهدي أنه لا فرق، والخلاف في ذلك لأبي علي كما في (رياض الأفهام) وشرحه الدامغ، فإن فيهما عن أبي هاشم أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، قال الإمام المهدي كقوله بالموازنة، وقال أبو علي: بل هو كمن لم يفعل ذنباء الإبطال التوبة حكم المعصية، فيكون التائب كالمجتنب لكل معصية فيكتب له بكل معصية تاب منها حسنة، كما يكتب له بعدد كل معصية اجتنبها حسنات.

  وأجاب الإمام المهدي بأنه لو كان كما ذكره لاستوى حال من كفر مائة سنة، ومن كفر لحظة ثم تاب في استحقاق الثواب، ولكان الكافر مائة أكثر ثواباً، والمعلوم خلافه وهذا نص في عدم الفرق، وقد تحصل منه أنه لم يفرق بينهما إلا النجري.

فائدة [انعدام الطاعة والمعصية بالندم]

  قال النجري: وكما أن التوبة تصير المعصية كالمعدومة، فكذلك الندم على الطاعة يصيرها كالمعدومة، بشرط أن يندم عليها لأنها طاعة، كما قيل في التوبة؛ إذ كل منهما بذل الجهد في التلافي.

  قلت: ويدل على ذلك ما رواه الإمام المهدي في شرح الملل والنحل عن علي # أن رجلين أتياه، فقالا: ائذن لنا أن نصير إلى معاوية