المسألة الثالثة: {اهدنا} صورته صورة الأمر
  وقال السبكي: هو الطلب من الأعلى على سبيل التضرع، ومثاله: قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦}[الفاتحة].
  التاسع: الالتماس، ويقال له: السؤال وهو الطلب من المساوي في الرتبة، كقوله بلا استعلاء ولا تضرع: اسقني. والعلاقة فيه وفي الدعاء الإطلاق(١) والتقييد.
فائدة [في الفرق بين العلو والاستعلاء]
  قال ابن يعقوب: ولا يرد أن يقال: المساواة تنافي الاستعلاء الأنا نقول: المنافي للمساواة هو العلو لا الاستعلاء، فإن الاستعلاء هو عد الأمر نفسه عاليًا بكون الطلب الصادر منه على وجه الغلظة، كما هو شأن العلي، وهذا المعنى أعني جعل الأمر نفسه عاليًا يصح من المساوي، بل يصح من الأدنى، فإن دعاوي النفس أكثر من أن تحصى. قال: وظاهر ما تقرر أن مناط الأمرية في الطلب هو الاستعلاء ولو من الأدنى، ومناط الدعاء فيه التضرع والخضوع ولو من الأعلى كالسيد مع عبده، ولا يكاد يتصور على حقيقته، ومناط الالتماس فيه التساوي مع نفي التضرع والاستعلاء، لكن ذكر في المطول أن الالتماس يكون معه تضرع وتخضع لا يبلغ إلى حده في الدعاء، وعلى ما تقرر إذا صدر الطلب من الأعلى إلى الأدنى كالسيد مع عبده من غير استعلاء ولا تحضع لم يسم بواحد منها، وهو بعيد.
(١) أي إطلاق مطلق الطلب على المقيد بالتضرع وعلى المقيد بعدم الاستعلاء والتضرع. تمت مؤلف.