مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

الباب الثاني فيما يتعلق بجملة الفاتحة

صفحة 1240 - الجزء 2

  وقال الشوكاني: ظاهر الأحاديث المنع من قراءة ما عدا الفاتحة من القرآن من غير فرق بين أن يسمع المؤتم الإمام أو لا يسمعه؛ لأن قوله ÷: «فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت»، يدل على النهي عن القراءة عند مجرد وقوع الجهر من الإمام، وليس فيه ولا في غيره ما يشعر باعتبار السماع، ذكره في (النيل)، ويؤيد ما ذكرناه من أن العلة منازعة الإمام والتخليط عليه حديث عمران بن الحصين: أن النبي ÷ صلى الظهر فجعل رجل يقرأ خلفه (سبح اسم ربك الأعلى)، فلما انصرف، قال: «أيكم قرأ أو أيكم القارئ؟» فقال رجل: أنا، فقال: «لقد ظننت أن بعضكم خالجنيها». متفق عليه.

  ومعنى خالجني: نازعني وشكك علي، قال في (النيل): ومعنى هذا الكلام الإنكار عليه في جهره أو رفع صوته بحيث أسمع غيره لا عن أصل القراءة، بل فيه أنهم كانوا يقرءون بالسورة في الصلاة السرية، وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم.

  قلت: وفيه رد على من منع من قراءة المؤتم في السرية.

تنبيه [في موضع القراءة بعد الإمام في الجهرية]

  اختلف القائلون بشرعية قراءة الفاتحة خلف الإمام فيما جهر فيه في أمرين:

  أحدهما: في الموضع الذي يقرأ فيه خلف الإمام، فقال بعضهم: حديث عبادة وما في معناه يدل على الإذن بقراءة الفاتحة من غير قيد، وبه قال الحافظ واختاره الشوكاني، إلا أنه قال: فعلها عند سكتات الإمام أحوط؛ لأنه يجوز عند أهل القول الأول فيكون فاعل ذلك آخذاً بالإجماع.