الركن الأول: في الاستعاذة وفيه مسائل
  فلا فائدة في طلبه، بل المطلوب بها فعل الألطاف التي يكون المكلف معها أقرب إلى فعل الحسن وترك القبيح، والمقصود اللطف الذي يكون المكلف معه أقرب إلى مخالفة الشيطان من إرشاد إلى ذكر، أو تنبيه على دليل، أو نحو ذلك من الأعمال والأقوال التي نعتصم بسببها من شر الشيطان، وفعل اللطف لا يمنع اختيار العبد للمعصية أيضاً كما سيأتي تحقيقه إن شاء الله.
المسألة الثالثة [دلالة الاستعاذة على أفعال العباد]
  الاستعاذة تدل على أن أفعال العباد منهم لا من الله تعالى، وسيأتي بيان وجه الاستدلال بها.
  واعلم أن هذه المسألة من أعظم مسائل الخلاف بين الأمة، حتى أن بعض الأئمة $ أفردها بالتأليف كـ (القاسم بن إبراهيم) # له كتاب الرد على المجبرة، و (للهادي) # كتاب في الرد عليهم، و (للقاضي إسحاق العبدي) كتاب (إبطال العناد في أفعال العباد) ولغيرهم فيها مؤلفات ورسائل، ومسائل مبسوطة ومتوسطة ومختصرة، ولعمري إنها لجديرة بذلك لما وقع فيها من اضطراب أكثر العقول، وتحير العلماء الفحول، وكثرة ما ورد فيها من شبه المعقول، و متشابه المنقول، بحيث لا يتبين فيها الحق الذي ينجي من الضلال، ويتخلص به مما تورط فيه كثير من الجهال، إلا بنظر صحيح في البراهين القاطعة، واقتباس نور العلم من أنوار الأدلة الساطعة، وذلك لا يتأتى إلا بإيراد زبدة أدلة جميع الفرق على الوفاء والتمام، وتمييز