المسألة الرابعة [في الاستدلال على الاضلال]
  وكلفنا ومكننا من اختيار الإيمان والكفر وعرضنا بذلك على الثواب فكأنه هو الذي خلق فينا الإيمان وأنعم علينا به قال: إلا أنه لا يجوز إطلاق القول في ذلك لإيهامه الخطأ - أعني لإيهامه أن الله خالق أفعال العباد - قال: حتى أنه لو لم يوهم ذلك وعرف من حالنا أنا لا نعني به أنه الذي خلق فينا الإيمان وأنه لا يستحق الشكر عليه نفسه، وأنه إنما استحق الشكر على مقدماته لجوزنا إطلاق القول في ذلك.
  قلت: والحاصل أن تسمية الإيمان نعمة إنما هو على جهة المجاز، وأما على جهة الحقيقة فلا يسمى نعمة؛ لأنه فعل العبد ونفعه له، والمنفعة لا تسمى نعمة إلا إذا قصد بها الغير، وقد مر توضيح هذا في [المسألة] التاسعة من مسائل الحمد.
  وأما قوله: إن الإيمان أفضل النعم ... إلخ فجوابه: أنا لا نسلم أنه نعمة، سلمنا، فلا نسلم أنه أفضل النعم لأنه ليس إلا وسيلة إلى ما هو أفضل منه على ما مر تقريره في [المسألة] التاسعة أيضا.
المسألة الرابعة [في الاستدلال على الاضلال]
  استدل الخصوم بهذه الآية على أنه يجوز من الله أن يضل، وإلا لما صح أن يسألوه الهداية، قلنا: لم يطلبوا إلا منح الألطاف أو نحوه مما سبق، وذلك لا يستلزم جواز إضلال الله العبد وعدم هدايته أصلاً.