الموضع الرابع: في ذكر شبه المخالفين وبيان بطلانها
  وإدخاله في حد الموجب، ولسنا نسلمه، ولا بد للرازي من النزول على مثل هذا الجواب، وإلا بطل عليه كون الباري مختاراً وهو قد نزل عليه، ولكنه كثير التخليط.
  وأما قولهم بلزوم التسلسل إذا كان وقوع الفعل عند المرجح على سبيل الجواز فقد دفعه القرشي بما مر في الرغيفين ونحوهما فإنه يأخذ أحدهما لا لمرجح مع استواء الداعي إليهما، ومع جواز أن يأخذ الآخر، ومراده ¥ بقوله: لا لمرجح يعني لا لمرجح سوى الداعي إلى الفعل؛ إذ قد تقدم أنه يثبت المرجح، لكن لا بالمعنى الذي قصدوه.
  والحاصل أن المرجح ليس إلا الإرادة أو الداعي، وما ادعوه من أمر سواهما فلا يعقل، ولا دليل عليه، وعلى هذا لا خلاف في المعنى بين من نفى المرجح من العدلية، وبين من أثبته؛ لأن النافين لا ينكرون الداعي، والإرادة، والمثبتين لم يثبتوا أمراً سواهما.
فائدة [في معنى الداعي والمرجح]
  كثيراً ما يذكر أصحابنا الداعي والمرجح، وقد يخفى معناهما على كثير، فأحببنا الكشف عن ماهيتهما، وتحقيق معناهما في هذا الموضع؛ إذ هو أخص من غيره لتقدم ذكرهما قريباً فنقول: المرجح ما يرجح الفعل على الترك أو العكس، والداعي هو الباعث على الفعل أو الترك وهو قسمان: داعي حكمة، وداعي حاجة، أما داعي الحكمة فهو العلم أو الاعتقاد أو الظن بأن في الفعل منفعة للغير،