مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية [تخصيص من لا يفهم بعدم التكليف]

صفحة 1961 - الجزء 3

  قلت: وهو جواب حسن، إلا قوله: إن هذا الكلام وإن تم في كل ما يتوقف العلم ... إلخ.

  فإنه التزم فيه أن الأمر بمعرفة ثبوت الصانع المختار يكون أمراً بالمحال؛ إذ لا يتوقف العلم بكونه أمراً إلا على ثبوته، وإذا كان الأمر بالمعرفة محالاً فقد حصل تكليف مالا يطاق؛ لأن الله قد أمر بمعرفته في غير آية، ومن جملتها الآيات الدالة على وجوب النظر؛ وعلى هذا فتكون معرفة الله محالاً؛ لأنها مترتبة بزعمه على المحال الذي هو الأمر بها، والفرض أن الله تعالى قد أمر بها؛ وبه تعلم صحة قولنا: إنه ينتهز الفرصة في تقرير مذهبه؛ ألا ترى أنه هنا آل كلامه إلى التزام تكليف ما لا يطاق.

المسألة الثانية [تخصيص من لا يفهم بعدم التكليف]

  ظاهر الآية العموم، فتناول الأمر بالعبادة كل الناس، لكنه مخصوص في حق من لا يفهم كالصبي، والمجنون، والغافل، والناسي، ومن لا يقدر، والخلاف لبعض من يجوز تكليف المحال، فأجازوا تكليف الصبي والمجنون، وأما البعض الآخر فمنعوا، لا تحاشياً عن لزوم تكليف ما لا يطاق، بل هرباً من لزوم انتفاء فائدة التكليف، وهو الإبتلاء؛ لأنه إنما يتصور التهيؤ وتوطين النفس على الامتثال من فاهم الخطاب، وهو متعذر في المجنون وغير المميز من الصبيان.

  قلت: أما من عدا الصبي والمجنون فالذي يأتي على أصل من يجوز