مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثالثة [دلالة الآية على أن القرآن من عند الله]

صفحة 2319 - الجزء 4

  إذ لو كان ذلك مقدوراً لهم لفعلوه لتوفر دواعيهم إلي معارضته، ولو كان لَنْقِلَ.

  فرع: ومثل السورة في الإعجاز قدرها من آيات القرآن من أي سورة كانت، نصَّ عليه جماعة من أصحابنا وغيرهم، والمراد بقدرها ثلاث آيات، إذ بها يحصل العلم بعلو شأنه في الفصاحة فكانت كالسورة في الإعجاز. وقال بعضهم: بل الآية الواحدة إذا كانت بقدر حروف سورة كالسورة في الإعجاز؛ إذ يتبين بها التفاضل في الفصاحة.

المسألة الثالثة [دلالة الآية على أن القرآن من عند الله]

  هذه الآية تدل على أن القرآن نزل من عند الله تعالى سوراً مفصلة. قال الإمام الحسن بن عز الدين: هذا الترتيب الذي هو عليه الآن هو الذي كان عليه مذ أنزل دفعة واحدة قبل تنزيله حسب الحاجة والحادثة، وما فرق تنزيله حينئذٍ إلا لما في ذلك من المصلحة، وقد مرَّ البحث في هذا في الفاتحة، وذكرنا ثمة الإجماع على أن ترتيب الآيات في السور توقيفي.

  وحكى الرازي عن كثير من أهل الحديث أنه نظم على هذا الترتيب في أيام عثمان؛ فلذلك صح التحدي مرة بسورة، ومرة بكل القرآن.

  قلت: الواقع في أيامٍ عثمان إنما هو ترتيب السور لا ترتيب الآيات فيها، كما مرَّ في الفاتحةَ، ولعَلَّ هؤلاء لم يريدوا إلا هذا، وأما الاحتجاج لهم بأن التحدي وقعٍ مرة بكذا ومرة بكذا فلا وجه له؛ لأن كون ترتيب آي القرآن توقيفاً لا ينافي التحدي على أحد الأمرين.