مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثامنة عشرة [حدوث العالم]

صفحة 841 - الجزء 2

الشبهة الثانية

  أوردها ابن زكريا المتطيب الرازي⁣(⁣١)، وهي أنه لو كان العالم محدثاً لكان له فاعل والفاعل الحكيم لا يفعل إلا لداعي وداعي الحاجة مستحيل عليه فتعين داعي الحكمة وهو علمه بحسنه، وانتفاع الغير به وذلك حاصل فيما لم يزل⁣(⁣٢)، فيقارنه الفعل وهو وجود العالم فيكون العالم قديماً.

  فالجواب من وجوه:

  أحدها: ما اعتمده الجمهور وهو أن داعي الحكمة لا يوجب الفعل ألا ترى أن أحدنا مع كونه عالماً بحسن الصدقة قد يتصدق في وقت دون آخر وبدرهم دون درهم هذا مع حصول الداعي⁣(⁣٣)، فكذلك هاهنا فما ذكره ابن زكريا جهل.

  الثاني: ذكره القرشي، وهو أن الداعي إنما يدعو إلى ما يصح ووجود العالم في الأزل مستحيل فلا يدعو إليه الداعي، وتحقيقه أنه لا يكفي العلم بحسن الشيء وحصول النفع للغير أو لنفسه في كونه داعياً، بل لا بد من أن يعلم أو يعتقد إمكانه، ولهذا لا يقال: دعا أحدنا الداعي إلى أن يوجد لنفسه أو لغيره مالاً وبنين لما كان مستحيلاً من جهته، وإن دعاه الداعي إلى أن يوجد ذلك من جهة الله تعالى صح لعلمه واعتقاده إمكانه فثبت أن علم الباري بحسن الفعل ليس بداع


(١) الفلسفي. تمت مؤلف.

(٢) لأن علمه صفة ذاتية فهو أزلي. تمت مؤلف.

(٣) وهو علمه بحسن الصدقة. تمت مؤلف.