المسألة الثانية [مقدار المعجزة]
المسألة الثانية [مقدار المعجزة]
  قوله تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ}[البقرة: ٢٣] يدلُّ على أن القدر المعجز من القرآن لا يكون أقل من سورة، وقد اختلف في ذلك فقيل: يتعلق الإعجاز بسورة منه طويلها وقصيرها بخلاف ما دونها: للآية، وهذا هو ظاهر كلام الجمهور وذهب بعض المعتزلة إلى أنه يتعلق بجميعه، لقوله: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}[الطور: ٣٤]، وقوله تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ ...} الآية [الإسراء: ٨٨]. لنا: ما مَرَّ، وقوله تعالى: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ}[هود: ١٣]، وقال قوم: بل يحصل بقليل القرآن أو كثيره ولو آية، وهذا قول الإمام يحيى كما مرَّ واختاره بعض متأخري أصحابنا، لقوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ}[الطور: ٣٤] وهو صادق بالآية.
  قلنا: سياق الآية يفيد العموم(١) وأيضاً الحديث التام الذي يتبين فيه تفاضل قوى البلاغة لا يتحصل في أقل من كلمات سورة قصيرة.
  وقيل: لا يحصل الإعجاز بآية ولا بسورة قصيرة، بل يشترط الآيات الكثيرة، وهذا هو الظاهر من كلام الرازي في تفسيره فإنه ادعى العلم الضروري بأن الإتيان بمثل سورة قصيرة كالكوثر والعصر ممكن، ونسب من أنكر ذلك إلى المكابرة؛ ولهذا اختار القول بالصرفة كما مر. لنا: إطلاق السورة وكون التحدي لم يقع إلا بالفصاحة، ودعواه العلم الضروري بالقدرة على مثل الكوثر باطلة؛
(١) يعني أن سياق قوله تعالى: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ} يفيد عموم القرآن، وأنه لا يكون التحدي إلا بجميعه. تمت مؤلف.