المسألة الرابعة عشرة [في نفي الشريك لله تعالى]
تنبيه [في أن عدم الخوض في صفات الباري من صفات المستضعفين]
  قد تقدم في كلام أبي القاسم البستي أن القول بالإمساك عن الخوض في صفات الباري، ووجوب إجراء ما ورد في الكتاب والسنة منها على ظاهره، من دون تفسير ولا تشبيه - إنما هو قول قوم من المستضعفين؛ والذي ذكره غيره أن ذلك قول السلف قاطبة، وأنهم كانوا يمرون أدلة الصفات على ظاهرها، ولا يتكلفون علم ما لم يعلموا، ولا يتأولون.
  قال بعض المتأخرين: وهذا المعلوم من أقوالهم وأفعالهم، والمتقرر من مذاهبهم لا يشك فيه شاك، ولا ينكره منكره وقال السيد محمد بن إبراهيم الوزير في (إيثار الحق) ما لفظه: فالفريقان من المشبهة والمعطلة إنما أتوا من تعاطي علم ما لا يعلمون، ولو أنهم سلكوا مسالك السلف في الإيمان بما ورد من غير تشبيه لسلموا، فقد أجمعوا على أن طريقة السلف أسلم، ولكنهم ادعوا أن طريقة الخلف أعلم، فطلبوا العلم من غير مظانه، بل طلبوا علم ما لم يعلم، فتعارضت أنظارهم العقلية، وعارض بعضهم بعضاً في الأدلة السمعية، فالمشبهة ينسبون خصومهم إلى رد آيات الصفات، ويدعون فيها ما ليس فيها من التشبيه، والمعطلة ينسبون خصومهم وسائر أئمة الإسلام جميعاً إلى التشبيه، ويدعون في تفسيره ما لا تقوم عليه حجة، والكل حرموا طريق الجمع بين الآيات والآثار، والاقتداء بالسلف الأخيار، والاقتصار على جليات الأنظار، وصحاح الآثار، ثم احتج على ذلك بما في أمالي أبي طالب من قول علي #: (فعليك أيها السائل