المسألة الثالثة [أخذ الأجرة على القرآن]
تنبيه: [جواز أخذ العوض على تعليم القرآن من بيت المال]
  قد مر في أثناء المسألة ما يدل على أنه يجوز أخذ العوض على تعليم القرآن وقراءته ونحوهما من بيت المال، وهو الظاهر؛ لأنه موضوع لمصالح المسلمين، ومن قام بمصلحة من مصالحهم كان حظه عليها ثابتاً، يؤيده أن أمير المؤمنين كان يأخذ كفايته من بيت المال كما يدل عليه قوله: (إن للوالي قصعتين من بيت المال: قصعة له ولعياله، وقصعة لنائبته) هذا معنى الرواية.
  وكان القيام بأمر الأمة متعيناً عليه، وسيأتي أنه # كان يرزق القضاة من بيت المال، والقضاء واجب، ومن تتبع جزئيات عمل السلف وتبعهم الخلف في جميع أمصار المسلمين علم علماً ثابتاً قاطعاً أنهم لا يتحاشون، ولا يتورعون من الأخذ من بيت المال بسبب اشتغالهم ببعض مصالح المسلمين، وإن كانت تلك المصلحة من الواجبات، ولو كان ثمة إنكار أو ترك لنقل، وما نقل من بعضهم من عدم القبول من السلطان فإنما هو لفساد الملوك وضمهم إلى بيت المال ما ليس منه، حتى اختلط الحلال بالحرام، والتبس الحق بالباطل.
تنبيه: [شمول تحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن للكبير والصغير]
  ظاهر الأدلة السابقة القاضية بتحريم أخذ الأجرة على تعليم القرآن أنه لا فرق بين الصغير والكبير، ورواية عبد الله بن شقيق(١) نص في كراهة أخذ الأجرة على تعليم الصغير، فإن صح الإجماع المذكور
(١) يعني روايته عن الصحابة. تمت. مؤلف.