مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الرابعة [شبهة الاحتجاج بالآية على نفي عذاب القبر]

صفحة 2625 - الجزء 4

  احتج أبو الهذيل ومن وافقه بقوله تعالى: {وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ١٠٠ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ١٠١}⁣[المؤمنون] فذكر أن النفخة الثانية واقعة عقيب البرزخ، والبرزخ: الأمر العظيم الهائل، ولا مستعظم بعد الموت إلا العذاب والنعيم، وأما استمرار الميت على حاله فلا؛ وإذا كان البرزخ هو ذلك والنفخة التي يحيا بها الموتى واقعة عقيبه لزم أن يكون التعذيب والنعيم بين النفختين؛ إذ لا قائل بأنه يستمر التعذيب والتنعيم إلى يوم القيامة، وإنما المسألة مرة واحدة بعد الموت.

  وأجاب الإمام المهدي # بأن الآية ليست واردة على النمط الذي قرروه، وإنما معناها أنه أخبر الله سبحانه أن الذي يحضره الموت يتمنى أن يزاد في عمره ليعمل صالحاً، فأخبر سبحانه أنه لا يجاب إلى ذلك، وأن بينه وبين مطلوبه برزخاً أي أمراً عظيماً هائلاً مانعاً من ذلك، وهو ذوقه سكرات الموت، ومنعه من العود إلى مثل التي كان عليها قبل الموت إلى يوم يبعثون.

  قلت: والظاهر ما استقرَّ به قاضي القضاة من أنه في الأوقات المقارنة للدفن؛ للأخبار السابقة وغيرها، وهي كثيرة من رواية أئمتنا والمحدثين. ولا يبعد تواترها لمن بحث.

تنبيه [في الظاهر من كلام أصحابنا بعدم دوام عذاب ونعيم القبر]

  ظاهر كلام أصحابنا⁣(⁣١) أن عذاب القبر ونعيمه لا يدوم، بل يكون حالاً فحالاً.


(١) إذ لو قالوا بدوامه لما صح قولهم بأنه لا تعيين لوقته أو أنه بين النفختين. تمت مؤلف.