المسألة العاشرة [في رزق الدنيا والآخرة]
المسألة العاشرة [في رزق الدنيا والآخرة]
  ذهب جماعة من الصحابة فمن بعدهم إلى أن المراد بقوله تعالى: {قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ}[البقرة: ٢٥] أن الذي رزقوه في الجنة مثل الذي رزقوه في الدنيا ومشابهاً له؛ وهذا يدلُّ على ما ذكره الموفق بالله من أنه يجب في الثواب أن يكون من جنس ما قد تصورناه. قال: وكذلك العقاب؛ لأن الوعد إذا كان بما يدرك ويتصور من اللذات وينفر عنه من الآلام كنا أقرب إلى أداء الطاعات واجتناب المعاصي. قال: ومعلوم ضرورة أن الاعتداد بما يدرك ويتصور من اللذات أقوى منه إذا لم يكن قد تصوره وأدركه.
  وقال المرتضى: لا يصح حمل الآية على ذلك؛ لتأديته إلى عدم تفضيل نعيم الجنة على نعيم الدنيا، وإنما معنى الآية أنه لا يأتيهم في الجنة رزق إلا وافق شهواتهم، ثم ما وصل بعده يكون كذلك، بخلاف أرزاق الدنيا، فإن منها موافقاً، ومنها مخالفا، ويدل عليه قوله تعالى: {وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا}[البقرة: ٢٥]، ولا يجوز حمل المتشابه، عنده على التشابه في الألوان كما قيل، وإنما المراد التشابه في الإرادة والشهوة والمحبّة؛ لأن أرزاق الدنيا منها ما لا يرى ولا يشتهى.
  وفي (المصابيح) عن أكثر العلماء أن معناها: هذا الذي رزقنا من قبل في الجنة، وهم يعلمون أن ما أتوا به في الحال غير ما أكلوه من قبل، ولكنهم شبهوه بالأول.