مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [الجواب على الرازي في قوله بعدم وجوب الحمد]

صفحة 577 - الجزء 1

  بمعرفته وطاعته، فلو كان الاستغراق في المعرفة واجباً كما وقع التكليف بغيره، ثم إن الاستغراق بالمعرفة من أعظم البواعث على الطاعة كما قال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}⁣[فاطر: ٢٨] ومع أن العلوم لا تضاد فيها، فيجوز أن يجتمع في القلب العلم بالله وصفاته، ونعمه، والتفكر في كثرتها، وما يجب له من الشكر لأجلها.

  وأما قولهم: إنه يمنع من الإخلاص، فجوابه: أن الشكر للمنعم، والنعمة إنما هي سبب وذلك لا يمنع الإخلاص، وقولهم: إنه يدل على أن المقصود الفوز بها كلام من لا ينظر في كلامه قبل النطق به، فإن الشكر لا يجب إلا بعد النعمة لا قبلها، فإن أرادوا الفوز بغيرها فذلك لا ينافي الإخلاص إلا لو كانت النعمة مشاركة للمنعم في الشكر، وليس كذلك، وإنما تضمن الشكر طلب ما وعد به الكريم من الزيادة مع الشكر في قوله: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}⁣[إبراهيم: ٧] وذلك تفضل منه تعالى، وطلب الفضل الموعود به لا ينافي الإخلاص في الشكر، بل الشكر حينئذٍ أداء لحق المنعم على نعمه السابقة، وسبب في غيرها، وبهذا تعرف أن الأمر به لأداء الحق الثابت لا غير.

  واعلم أني إلى الآن لم أقف على تعيين أهل هذه المقالة، والذي يظهر أنها من كلام بعض جهال الصوفية. والله أعلم.

تنبيه [استطراد في الجواب على الرازي]

  قد تقدم أن البسملة وما بعدها إلى آخر هذه السورة الكريمة مقول على ألسنة العباد تلقيناً لهم وإرشادا إلى كيفية حمده والتبرك باسمه، وهذا يدل على أن الحمد مأمور به، وأن التقدير: قولوا الحمد لله،