مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة العاشرة [استكمال النظر في النعم]

صفحة 2164 - الجزء 4

تنبيه [في دلالة الآية على صفات الله تعالى]

  وهذه الأدلة التي ذكرها الله تعالى في هذه الآية الكريمة كما تدل على إثبات الصانع المختار، فهي تدل على صفاته من كونه قادراً، عالماً، حياً، قديماً بلما في ذلك من بديع الصنعة التي يعجز عنها حذاق الصناع، وعجائب وغرائب تتضاءل عندها بدائع ذوي الإبداع، وتراكيب لا تتناولها أيدي المحدثات، وإن اتسعت قواها غاية الاتساع، وكما دلت على ثبوت هذه الصفات، فقد تضمنت إبطال قول العلية، ودعوى الطبائعية، ونفي التشبيه؛ لأن الصانع لا يشبه صنعته، ألا ترى أن الكاتب لا يشبه كتابته، والخياط لا يماثل خياطته، وهكذا كل صانع فإنه لا يشبه صناعته، ولا يماثلها، وذلك معلوم بالضرورة.

  فائدة: قال الإمام أبو طالب #: العالم كالبيت، أرض، وسماء، وسقف، ومهاد موضوع، والنجوم في السماء كالقناديل في السقف، والنيَّران⁣(⁣١) كالشمعتين، والأرض كقرار البيت، والفراش الممهود، وما عليها من النبات كالفواكه المعدة، وما فيها من الرياحين، وأنواع الأنوار والزهران، وأماكنها من الأرض كالروضة من البيت، وما فيها من معادن الذهب والفضة كالخزائن المخزونة في البيت، والإنسان فيها كأرباب البيوت الذين إليهم تدبيرها وسياستها، فيجب أن يكون حال السماء والأرض في الحدوث واستحالة القدم؟ كالبيت الذي نشاهد في مفازة أو برية إن لم نشاهد له فاعلاً ولا بانياً، في أنا لا نشك في حدوثه، وتجدده، وكونه بنيان قادر.


(١) الشمس والقمر. تمت مؤلف.