المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]
  من أنه ÷ قال لخديجة لما أخبرها برؤية جبريل: «لقد خشيت على نفسي» فليس معناه الشك فيما أوحي إليه بعد رؤية الملك، ولعله خشي أن لا تحتمل قوته مقاومة الملك، وأعباء الوحي، فينخلع قلبه وتزهق روحه من الفزع، هذا إن كان قال هذا القول بعد لقاء الملك، وإعلامه له بأنه رسول الله على ما تفيده بعض الروايات، أو يكون قال ذلك قبل لقاء الملك وإعلام الله له بالنبوة، وذلك عند ابتداء ظهور العجائب في حقه ÷ من دعاء جبريل إياه بيا محمد، وتسليم الحجر والشجر، ونحو ذلك كما جاءت بذلك بعض الأخبار وعلى أي الاحتمالين يبطل التعليق بالحديث على إثبات الشك فيما جاءه من الوحي. ولله الحمد.
الفصل الخامس: في أنه لا يشترط في الأنبياء العصمة فيما يتعلق بأمور الدنيا وأنه لا يضر الجهل بها
  اعلم أن خطايا الأنبياء $ فيما يتعلق بالأمور الدنيوية لا يضر، ولا يقدح في نبوتهم، ولا في عصمتهم، ولا يكون حجة على غيرهم، ولذا قال ÷ في قصة التلقيح: «أنتم أعلم بأمور دنياكم» وكذلك لا يقدح في علمهم جهلهم ببعض أمورها. واعتقادها على خلاف ما هي عليه ويحكى عن الشيعة خلاف هذه.
  قلنا: هممهم منصرفة إلى الآخرة، والبعثة إنما كانت لأجلها، وأمور الدنيا تضادها، ولهذا شبه ÷ الدنيا والآخرة بالضرتين.
  هذا، وأما جهلهم بأمور الدنيا أجمع فلا يجوز في حقهم، ولا يصح