مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الحادية عشرة [إيضاح وجه القطيعة المذكورة في الآية]

صفحة 2551 - الجزء 4

  فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي، وقد جعل الله عهده وذمته أمناً أفضاه بين العباد برحمته، وحريماً يسكنون إلى منعته، ويستفيضون إلى جواره، فلا إدغال ولا مدالة ولا خداع فيه؛ ولا تعقد عقداً تجوز فيه العلل، ولا تقولن على لحن القول بعد التأكيد والتوثقة، ولا يدعونك ضيق أمر لزمك فيه عهد الله إلى طلب انفساخه بغير الحق، فإن صبرك على ضيق ترجو انفراجه وفضل عاقبته خير من غدر تخاف تبعته، وأن تحيط بك من الله طلبة لا تستقيل فيها دنياك ولا آخرتك) رواه في (النهج). قوله: استوبلوا أي وجدوه وبيلاً أي ثقيلا وخيماً، ولا تخيسن: أي لا تغدرن، والختل: المكر والخديعة، وأفضاه بين عباده: جعله مشتركا بينهم، ويستفيضون إلى جواره: ينتشرون في طلب حاجاتهم ساكنين إلى جواره، والإدغال: الإفساد، والمدالة: المخادعة.

المسألة الحادية عشرة [إيضاح وجه القطيعة المذكورة في الآية]

  اختلفوا في المراد من قوله تعالى: {وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}⁣[الرعد: ٢٥] على أقوال:

  أحدها: أنه رسول الله ÷ قطعوه بالتكذيب والعصيان. وفيه ضعف؛ إذ لو كان المراد بذلك لقيل (مَنْ) مكان (مَا).

  الثاني: أن الله أمر أن يوصل القول بالعمل، فقطعوا بينهما بأن قالوا ولم يعملوا. وهذا مبني على أنها نزلت في المنافقين.