مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [في المخادعة]

صفحة 1752 - الجزء 3

المسألة الأولى [في المخادعة]

  المخادعة على الحقيقة لا تجوز على الله تعالى؛ لأن العالم الذي لا تخفى عليه خافية لا يخدع، وإذا كان ذلك كذلك فليست المخادعة هنا على ظاهرها؛ وقد ذكروا لها تأويلات، فقيل: هي واردة على طريقة الاستعارة والتمثيل؛ لإفادة كمال شناعة جنايتهم. وقيل: معناه يخادعون رسول الله ÷ على جهة المجاز العقلي⁣(⁣١)، وفائدته الإبانة عن تشريفه ÷ مع إفادة كمال الشناعة كما مر. وقيل: معناه يخادعون الله في زعمهم؛ لأنهم يظنون أنه تعالى ممن يصح خداعه؛ لعدم معرفتهم به؛ إذ من كان إيمانه نفاقاً لم يكن عارفاً بالله ولا بصفاته، فلم يبعد من مثله تجويز أن يكون الله مخدوعاً، ومصاباً بالمكروه من وجه خفي. وهذه الوجوه أحسن التأويلات، وقد ذكروا وجوهاً لا تخلو من تكلف ومخالفة للظاهر. وأما خداعهم للذين آمنوا فلا بعد فيه، ولا محذوره. والمخادعة التي فعلوها هي إظهارهم للإيمان ليتوصلوا به إلى غرض لهم في حقن دمائهم، وحرمة أموالهم، والمشاركة للمؤمنين في الغنائم، واطلاعهم على الأسرار التي كانوا حراصاً على إذاعتها، وغير ذلك من الأغراض الفاسدة، وما كانوا يشعرون أن وبال ذلك الخداع وضرره عليهم، حتى كأنهم لم يقصدوا به إلا أنفسهم.


(١) لأنه نسب إلى نفسه ما حقه أن ينسب إلى الرسول ÷. تمت مؤلف.