مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الخامسة [الوعيد للعصاة]

صفحة 3169 - الجزء 5

المسألة الخامسة [الوعيد للعصاة]

  في قوله تعالى: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ٤٠}⁣[البقرة] وعيد بالغ للعصاة.

  قال الرازي ويدل على أن المرء يجب أن لا يخاف أحداً إلا الله.

  قال: وكما يجب ذلك في الخوف فكذا في الرجاء والأمل، وذلك يدل على أن الكل بقضاء الله وقدره؛ إذ لو كان العبد مستقلاً بالفعل لوجب أن يخاف منه كما يخاف من الله تعالى، وهذا يبطل الحصر الذي دل عليه {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ٤٠}، بل كان يجب أن لا يرهب إلا نفسه؛ لأن مفاتيح الثواب والعقاب بيده لا بيد الله، فلا يخاف الله البتة.

  والجواب: أن الحصر إنما هو باعتبار ما وقع الوعيد به، وهو أن ينزل ما أنزل بآبائهم، أخرج ابن جرير عن ابن عباس: {وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ٤٠} أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من آبائكم من النقمات التي قد عرفتم، من المسخ وغيره. أو مطلق الخشية من عقابه على المعاصي، وهذا لا يدل على أنه لا يجوز الخوف من غير الله تعالى باعتبارات أخر، بل ذلك معلوم الوقوع، فقد حكى الله الخوف من الظلمة وغيرهم عن الأنبياء $، وكذلك في الرجاء والأمل، إنما ذلك فيما اختص الله بإيجاده والقدرة عليه.

  قوله: وذلك يدل على أن الكل بقضاء الله ... إلخ.

  قلنا: من اين هذه الدلالة؟ ثم لو كانت كذلك فما معنى نهي العبد عن أن يرهب غير الله تعالى إذا كان الكل بقضاء الله؟ فإن الخوف